حقيقة الشيطان الجزء الاول - لوسيفر وتمرد الملائكة
من هو الشيطان - لوسيفر الشيطان وذريته بالتفصيل
من هو الشيطان ؟ حظيت فكرةُ الشرّ المطلق، بمكانة هامّة في الثقافات الإنسانيّة على مرّ العصور، فالشيطان بوصفه رمزاً للشرِّ الأكبر، كان دائم الحضور في المخيّلة الجمعيّة وفي الأساطير والقصص الخرافيّة القديمة.
والثقافةُ العربيّة الإسلاميّة، أفردتْ للشيطان مساحات واسعة، في مؤلّفاتها ومصنّفاتها، للحديث عن أسمائه وأسماء زوجاته وأبنائه، لتتشكّل مع الوقت، ما يشبه القصة الكاملة للشيطان ، ولتحتلّ تلك القصّة مكاناً مهمّاً في الميثولوجيا الإسلاميّة.
وما هى الاسماء التى اطلقت علي الشيطان ؟
اسم الشيطان: نزعة محليّة وتأثيرات كتابيّة من المرجّح أن لفظ “الشيطان”، كان معروفاً إلى حدّ بعيد في الثقافة العربيّة قبل الإسلام، ومن المحتمل أن تلك الكلمة قد انتقلت إلى العرب من أصحاب الأديان التوحيديّة الإبراهيميّة (اليهود والمسيحيين)، الذين عاشوا بجوارهم في بعض المناطق والمدن في شبه الجزيرة العربيّة.
بعض المعاجم اللغوية العربيّة تذكر أن كلمة الشيطان لها أصول عربيّة، وأنها مشتقّة من لفظة “شَطَنَ” بمعنى بَعُدَ، أي أن الشيطان هو البعيد، فهو بعيد عن رحمة الله لمعصيته له.
من هنا لم تكن كلمة الشيطان غريبةً على مسامع المسلمين الأوائل، الذين قرؤوا النصوص القرآنيّة المبكرة، واعتادوا على الاستعاذة من الشيطان الرجيم، والذي نُظر إليه في المعتقد الإسلامي، على كونه العدوّ الأكبر للإنسان، بسبب دوره الكبير في خروج آدم من الجنة، ونزوله إلى الأرض، ليكابد أبناؤه المشقّة والكَبَدَ عبر الأزمان. في السياق نفسه .
عُرف الشيطان باسم آخر مشهور، وهو “إبليس”، وهناك اختلاف في معنى الكلمة وجذورها، فبينما يذكر البعض أنها كلمة عربيّة مشتقة من “الإبلاس”، وهو الإبعاد، فأن أكثرية اللغويّين المسلمين قد ذهبوا إلى أنها كلمة أعجميّة وغريبة عن اللغة العربيّة، وذلك بحسب ما يذكر شهاب الدين الألوسي في تفسير ”روح المعاني”، وهو الرأي الذي يتماشى مع كون تلك الكلمة، تعريباً للفظة اليونانية “ديابوليس”، والتي تعني المشتكي زوراً، والتي استخدمها الكتاب المقدّس في العديد من المرات للإشارة إلى الشيطان.
تفاعلت الثقافة الإسلامية مع الأسطورة العبرانيّة القديمة عن ساكنة الجنة الأولى “ليليث”، حيث جرى إسقاط بعض صفاتها على كائن خرافي يُعرف بالسُعلاة أو الغول أو القطرب شاركغرد”إن الله تعالى خلق له في فخذه اليمنى ذكراً، وفي اليسرى فرجاً، فهو ينكح هذا بهذا، فيخرج له كل يوم عشر بيضات، يخرج من كل بيضة سبعون شيطاناً وشيطانة”.
شاهد الفيديو التالي لمعرفة المزيد
مع مرور الوقت، ومع ظهور التفسيرات القرآنيّة المتعدّدة في القرون المتتابعة، ومع شيوع حركة التأليف والتصنيف عند المسلمين، بدأت بعض الكلمات المختلفة بالظهور والتي عُرف بها الشيطان عند المسلمين.
على سبيل المثال، اتفقت كتب التفسير، ومنها تفسير الطبري، على إطلاق كلمة “الوسواس الخنّاس” على الشيطان، وذلك حسبما يذكر ابن جرير الطبري في معرض تفسيره لسورة الناس.
أيضاً ظهرت بعض الأسماء ذات الصبغة المحليّة العربيّة القُحّة، فبحسب ما يذكر جلال الدين السيوطي في كتابه “الإتقان في علوم القرآن”، أن من أسماء الشيطان ، الحارث وقترة وأبو كردوس وأبو مرّة، ومن الواضح في تلك الأسماء، أنها جميعاً ذات صبغة عربيّة جداً، كما أنها قد تماشت مع التقليد العربي الذي يميل إلى استخدام الكُنى .
في سياق مختلف، نجد أن الثقافة الإسلاميّة، قد استوردت بعض الأسماء التي أطلقها اليهود والمسيحيّون على الشيطان، ومن ذلك ما ذكره ابن حجر العسقلاني في كتابه “فتح الباري في شرح صحيح البخاري”، عندما ذكر أن من أسماء الشيطان ، عزازيل، ومن المعروف أنه اسم عبراني بامتياز، وأنه قد ظهر للمرة الأولى في النصوص الكتابيّة اليهوديّة في سفر اللاويين.
أيضاً توجد بعض الأسماء التي تظهر فيها أثار الدمج بين الثقافة العربيّة والكتابيّة، ومن أهمها، أبو الكروبيين، وهو اسم مشتق من كلمة “كروبييم” وهم نوع من الملائكة له أجنحة، ويختصّ بالعبادة والتسبيح، وقد ورد ذكرهم في العهد القديم للمرة الأولى في سفر التكوين.
ولأن الثقافات التركيّة والفارسيّة القديمة، كانت من بين الروافد الأصيلة، التي ساهمت في تكوين وتشكيل الثقافة الإسلاميّة، فأننا نلاحظ أن بعضاً من أسماء الشيطان .
قد جرى اشتقاقها من كلمات تركيّة أو فارسيّة وليس لها أي معنى واضح باللغة العربيّة، ومن ذلك اسمي الدلمز والخيتعور، واللذان يذكرهما السيوطي في كتابه. لأن الثقافات التركيّة والفارسيّة القديمة، كانت من بين الروافد الأصيلة، التي ساهمت في تكوين وتشكيل الثقافة الإسلاميّة، فأننا نلاحظ أن بعضاً من أسماء الشيطان، قد جرى اشتقاقها من كلمات تركيّة أو فارسيّة وليس لها أي معنى واضح باللغة العربيّة .
ومن ذلك اسمي الدلمز والخيتعور، واللذان يذكرهما السيوطي في كتابه أيضاً، نستطيع أن نعثر على بعض الأسماء التي نُسبت للشيطان، وتربطه ببعض مظاهر الطبيعة، ومن ذلك اسم قُزح، حيث يروي أبو نُعيم الأصفهاني في كتابه “حلية الأولياء وطبقات الأصفياء”، أن الرسول قد قال لأصحابه ذات مرة “لا تقولوا قوس قُزح، فأن قُزح شيطان، ولكن قولوا قوس الله وجل…”،
وهي الرواية التي حكم العديد من علماء الحديث النبوي بوضعها واختلاقها، ومنهم على سبيل المثال ناصر الدين الألباني في كتابه “سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة”.
كيف أنتج الشيطان ذريته ؟
بحسب ما يُفهم من النصوص القرآنيّة، فأن الشيطان بعد أن نزل إلى الأرض، لم يبق وحيداً، بل إنه –بشكل ما- قد صارت له ذريّة وأبناء يساعدونه في تضليل البشر وإهلاكهم.
في سورة الكهف، وردت الإشارة إلى تلك المسألة بشكل واضح، حيث جاء فيها في سياق التحذير من الشيطان “أفتتخذونه وذريّته أولياء من دوني وهم لكم عدو، بئس للظالمين بدلاً”.
من المرجّح أن المسلمين الأوائل لم يقفوا كثيراً أمام السؤال حول كيفيّة إنجاب الشيطان لذريّته، وأنهم لم يفهموا من الآية، إلا الأمر باتباع أوامر الله والبعد عن المعاصي والشرور،